إن ثمة كماً هائلاً من القواعد العرفية غير المكتوبة تكون في أي مكان من أماكن العمل. وقد تكون في بساطة تحديد من يحق له مثلاً استخدام أي من المصاعد أو المطاعم، المراحيض، الدهاليز أو أماكن التدخين وقد تزداد تعقيداً لتحدد مثلاً من يحمل مسئولية صندوق العملة أو آلة التصوير أو دولاب الأدوات المكتبية أو جدول الإجازات. ولقد رأيت أناساً يتولون أموراً هي أبعد ما تكون عنهم ولم يعطها لهم أحد، وقد عملت في مرحلة في مكتب تتولى فيه جدول الإجازات مترجمة سويسرية، لماذا؟ لا أحد يدري.
فعليك أن تعتمد إجازتك منها. حيث تسجل من خلالها، ويسمح لك بالإجازة منها. لكن لماذا هي تحديدا؟ كلما سألت هذا السؤال كانت الإجابة أنه قد تم التعارف تاريخياً أن المترجمين هم من يتولون أمر الإجازات. وكان ذلك أمر شاذاً وغبياً. فالمشرف على هذا هو الذي يجب أن يتولى أمر إجازاتي، لكنني رجحت أنه قد يكون سعيداً برفع المترجمين هذه المهمة من على كاهله.
ولو كنت قد أمضيت فترة معقولة في مكان عملك، فالمفترض أن تكون قد تعلمت كل هذه القواعد، أما إذا كثت جديداً في مكانك، فعليك أن تفتش عنها وتعرفها. لكن ما هي الفائدة التي تعود عليك من معرفة ذلك؟ والأمر سهل -فهو يشبه تعود الاتحادات على العمل وفق قائمة قواعد غامضة لا تفهمها الإدارة أو تعرفها. وستكون قادراً بمعرفة تلك التواعد على التفوق.
لقد عملت في مكتب كان على أصغر موظف فيه أن يذهب بالقهوة الصباحية إلى أكبر رئيس في المكان، وكانت القاعدة غير المكتوبة هي أن الموظف سينتظر حتى ينتهي الرئيس من احتساء قهوته. ولم يكن الموظف مضطراً لذلك، بل كان هذا هو المتوقع منه! لقد كنت أنا ذلك الموظف.
وكنت أحظى من خلال ذلك على الانتباه الكامل للرئيس على مدار خمس دقائق يومياً. وبهذا امتلكت عقله ودخلت جنته. واستفدت من ذلك فقد استطعت الإطاحة برئيس القسم الذي أعمل فيه، فلم يكن محبوباً. ولم يكن علىّ سوى أن أذكر لأكبر الرؤساء أن مدير القسم يملك مهارات لا يطلق لها العنان، لكنها ستكون مفيدة جداً في قسم جديد، وبهذا تم نقله!