مراحل الخلافات الزوجية وكيف تتخطاها؟
عندما يواجه أيّ شريكين تغييرات طارئة لدى الطرف الأخر، فإن المرحلة الأولى وهی، مرحلة التجميد ليست خطيرة جدًا وذلك لأن الأشياء فيها تبقى كما هي، فلن يستهلك جهد كبير للحفاظ عليها، أو تحتاج لمستوى عال من الإبداع لمواكبة الوضع الراهن (بعد التغيير).
والمرحلة الثانية، وهي مرحلة الذوبان وتقع عندما يقع الذوبان الفعلي ويبدأ العمل الحقيقي، وذلك عندما تتغير الأشياء، وكل شيء أدركته حتى تلك اللحظة سيتعرض للإختبار.
هناك خطوتان فعليتان في الإدارة المشتركة لعملية الذوبان: العرض، وإعادة التفاوض، الخطوة الأولى وهي العرض تتطلب منك ومن شريكك أن تتشاركا في إدراك حقائقكما الداخلية، فعليكما أن تكون واضحين وصادقين مع بعضكما البعض عما يجري بالفعل حولكما، وكيف أن هذا التغيير يؤثر عليكيا معاً.
فمثلا، "فرانسين وكريج" اللذان كانا يحتاجان إلى المرونة، لم يتمكنا من التواءم بفاعلية مع التغير سوى بعد أن عرضا حقيقة ما يجري بالفعل بينهما وكيف يشعر كل منهما تجاه ذلك. فاعترفت فرانسين بأنها مرهقة وشاركها کریج بمصارحتها بشعوره بالإهمال، وبدأت مظاهر الاختلاف في الظهور بوضوح أمامهما.
فتمكنا من الانتقال إلى الخطوة الثانية: وهي إعادة وضع هذه الأجزاء معا في قالب جديد من خلال إعادة التفاوض.
إعادة التفاوض لا تختلف كثيرًا عن التفاوض الدائم، سوى في أنها تتطلب منك أن تتحرر من ارتباطك بما كان، ويكون لديك الاستعداد في العمل والتواؤم مع بديل. وستحتاج إلى أن تقدر الموقف، وتجرب كل العناصر المطروحة أمامك، ثم تعملا معا لإخراج خطة جديدة تصلح لكليكما.
وإذا تمكنت من تخطى خطوات العرض وإعادة التفاوض فستتمكن أنت وشريكك من المرور من أزمة عملية الذوبان وإقامة نموذج بديل آخر لكما، وربما يحتاج الأمر بعض الصبر ولكن في النهاية ستشعر بأن المعايير الجديدة مريحة ومألوفة مثل المعايير القديمة، ويمكنك أيضا الاعتماد على أنه بمجرد أن تستقر هذه المعايير سيقع زلزال حیاتی آخر وستحتاج إلى إعادة تقييم وإعادة تفاوض من جديد. فالتغير دائم ويجب أن نتعلم أسسه لننجح ونخرج من هذه العملية.
قصة بقاء زوجين رغم التغييرات
حاول "روس ومیریدث" كثيرًا إنجاب أطفال ولكن دون جدوى، وبعد أعوام من الاختبارات والتجارب لم يجد الأطباء أي سبب طبي يعينهما عن الإنجاب من أي منهما، وحيث إنهما كانا يريدان أن يكون لديها أطفال، لذا فقد قررّا كفالة طفل.
وقد تكفلا برعاية طفلة جميلة صغيرة وأسماها جوي لتكون مثالا للسعادة التي جلبتها لحياتهما. ولكن مثل جميع الأطفال جلبت جوی معها الفوضى والصخب، وقلبت حياتهما رأساً على عقب، وبقی روس ومیریدث سعداء طالما كانا يتبادلان الأدوار في تغيير الحفاضات وإطعامها في الثالثة صباحا. فوجودها كان تغييرًا هم في حاجة لأن يتكيفا معه، وفي الوقت الذي كانا يظنان أن كل شيء على ما يرام اكتشفت میریدث أنها حامل - وفي توءم !.
في تخطيط حياتهما، لم يضع روس ومیریدث في اعتقادهما أن يكون لديهما ثلاثة أطفال، فما بال وجود ثلاثة أطفال بحفاضات تتغير دوريًا. كيف يمكنهما العناية بثلاثة أطفال؟ وكيف سيحافظان على دخلهما إذا اضطر أحدهما للبقاء في المنزل لرعاية الأطفال؟ لقد انقلبت حياتهما، ومنزلهما ودخلهما ومخططهما ومشاعرهما.
كان روس ومیریدث وسط مرحلة الذوبان. ولكنهما ادركا أنهما بحاجة لأن يعملا معا لمواجهة التغيير ليخرجا من مرحلة الألفة إلى عدم الألفة. فجلسامية في المطبخ وتحدثا عن أفكارهما ومشاعرهما، وقلتهما، والتغيرات التي ظهرت أمامهما، ثم وضعا قائمة بكل العناصر التي بحاجة إلى تعديل، وحاولا توقع ما یحتاجانه في الشهور القادمة ليعبرا هذه الأزمة، وباستخدام مهاراتهما في التواصل والتفاوض قاما بوضع خطة لتمر المرحلة الجديدة من حياتهما بسلام.
وولد التوءم وبدأ میریدث وروس في وضع نموذجهما الجديد قيد التنفيذ، ويأتي كل يوم بمشكلة ولكنهما يواجهانها بسعادة، وهما يعلمان أن الألفة بينهما تتسم بالفوضى والسعادة وسلسلة متصلة من قلة حظ غير متوقعة.
مواجهة الحياة معا تعزز من علاقتكما:
أنت وشريكك فريق واحد، ويعني ذلك أنكما بحاجة لأن تعملا معا وأن تقيسا خطوات التغيير في تناغم. عندما يكون أحدكما ضعيفا، يكون الآخر قويا ، وعندما يتحطم أحدكما يقدم الآخر يد المساعدة، وعندما ينتاب أحدكما الشك يمنحه الآخر الإيمان.
هناك إيقاع طبیعى "أنت، أنا، نحن" بشكل إيقاع الحركة، والإبقاء على إيقاع التناغم عندما تجتاح التغييرات توازنك هو ما سيعيدك إلى التدفق المتناغم للمشاعر.
مواجهة الصعاب معاً تقوي أساس العلاقة:
مع الأسف تقع أشياء في الحياة نتعجب لها، فيمكن أن تصفعك الحياة أنت وشريكك، إلا أنه يجب معالجة الأمور الناتجة عن ذلك.
هناك اختیاران فقط عندما يواجه الزوجان الصعوبات، إما أن يتمسكا ببعضهما البعض أو ينفصلا، والتمسك ببعضهما البعض يعني العمل كفريق لعلاج الأفكار والمشاعر، وعمل خطة للتعامل مع الموقف.
أما الانفصال يعني أن كلا منكما ينسحب إلى شرنقته ويهمل حقيقة "نحن".
المحن والأزمات هي التي تخرج مافي داخلك وداخل شريكك سواء كان للمشاركة أو للاستقلالية، وربما يصاب الشريكان بالذعر ويظهر ذلك في شكل "لا أستطيع " أو تظهر الأنانية في كلا الطرفين، بحيث يبحث كل منهما عن نفسه، أو ربما ينبه كل منهما قدرة الآخر على الاحتمال، ويشق ارتباطهما ببعضهما البعض، ويصبح بإمكانهما أن يستكملا المسيرة معاً.
فإذا فقدت شريكتك وظيفتها، هل ستصاب بالذعر بسبب فقدان جزء من الدخل وتنقل لها الشعور بنفس الإحساس؟ أم هل ستفرض أنها مشكلتها می وعليها التعامل معها وتتركها وشأنها؟ أم هل ستكون على قدر المسؤولية والموقف وتدعمها معنويا أثناء إعادة تخطيط حياتها وتعدد الاختيارات أمامها؟
وبالعكس، إذا فقدت أنت وظيفتك، هل ستصاب بالذعر وتقول: "لا أستطيع " وتصبح غير قادر على فعل ماهو ضروري للحفاظ على كيانكما المادي المرتبط؟ هل ستنسحب إلى عالمك الخاص وتبتعد عن شريكك؟ أم هل يستمد يدك إليه، وتطلب منه التفهم والدعم؟ ومهما كان اختيارك فهو شاهد على معدنك.
عندما تظهر الأزمة وسواء كانت كبيرة أو صغيرة فعليك أنت وشريكك أن تنجوا بمشاعركما من الذعر وتتمسكا ببعضكما البعض، لتنجو علاقتكما من الانفجار.
فعندما شخصت حالة جيل بأنها سرطان في الثدي، كان رد فعلها الفوري هو أن تترك زوجها أنتوني. وبالرغم من تأكد الأطباء من أنها ستصبح على مايرام فور إزالة الورم، إلا أنها لم تتحمل فكرة أن تفقد أحد ثدييها وتصبح جسدية غير كاملة أمام شريكها. وكان رد فعلها هو الانسحاب من حياة أنتونی.
كانت الجراحة ناجحة ولكن العلاج المعنوى تطلب وقتا أطول بكثير، واستغرق الأمر من أنتوني الكثير من الجهد والصبر لإعادة جيل إلى الإحساس بالأمان في علاقتهما، وقضى أياما عديدة وهو قلق على إمكانية نجاة علاقتهما من صدي جراحة جيل، إلا أنه تمسك بإيمانه بارتباطهما العميق وواظب على المحاولة. لقد كان إيمانه هو الذي خطى بجيل من هذه المرحلة، ومكنها من التحرك نحوه واللجوء إليه ليقف بجانبها.
ومثلما اكتشف جيل وأنتوني، أنه عندما يتمسك كل طرف بالآخر فإن علاقتهما تتسق، أما إذا ابتعد كل منكما عن الآخر، فسيختل الميزان ويمكن أن تخرج عن المسار الصحيح وتقعا في المتاهة.
تقع التحديات والصعاب والأزمات، لذلك من الأفضل استغلالها كفرص لتقوية رباطكما. التمسك ببعضكما البعض أثناء الأزمات هو معنى الشراكة الحقيقي، وهو ما يمكنك أنت وشريكك من الوصول إلى عالم أكبر من الألفة والمودة.
أهمية المُشاركة في الأفراح معاً:
عندما يقع شيء مفرح لأحد منكما، فالفرح لكما معا. روح العمل الجماعي تعني مشاركة الآخر في الانتصارات مثل مشاركة الآخر في الهزائم، فلتتذكر أن مشاركتك للآخر أثناء التغيرات الإيجابية لايقل أهمية عن الوقوف بجانبه في المراحل الصعبة.
في بعض الأحيان يكون التعامل مع التغيرات الإيجابية لا يقل تحديا عن التعامل مع التغيرات السلبية. فعلى سبيل المثال، مر على زواج دارسی وجاك 17 عاما، وعندما وقع اختيار النقابة القومية على العمود الصحفي الذي يكتبه جاك.
حتى تلك اللحظة، كانا معا يستمتعان بنجاح مسائل وكانا سعداء بحياتهما البسيطة، وفجاة بين عشية وضحاها أصبح جاك شخصا ناجحا ويظهر كضيف شرف في المناقشات وتجري لقاءات معه في أحدث البرامج، وازداد عدد معجبيه، ولأن صورته كانت ترافق دائما عموده، كان الناس يتعرفون عليه وهو سائر في الشارع.
وأحدثت القفزة في عمل جاك تغيرات رائعة، ولكنه تغيير في نهاية الأمر، وكان في حاجة إلى التعامل مع ذلك التغيير، وكان هو ودارسی في حاجة إلى الالتفات إلى معنى هذا التغيير بحياتهما، ليس فقط ماديا ولكن كيف يؤثر على وقتهما معا وعلى خصوصياتهما. فقد كانا بحاجة إلى أن يتصارحا بصدق وأمانة للاعتراف بتحول في تكييف علاقتهما حتى لاتشعر دارسی بتهميش وجودها بعيدا عن نجاحه، ورغم أن مرحلة الذوبان ستؤدي إلى حرية مادية أكبر لها ولإنجاز جاك الشخصي، إلا أنها لاتزال تخلق اضطرابا يجب الاهتمام به والتعامل معه بعناية.
فإذا ابتسم لك الحظ السعيد، فالتصرف الصحيح هو أن تتذكر بأن تشارك شريكك معك في تجربتك، وإذا وقع التغير الإيجابي لشريكك فستحتاج لأن تتكيف مع الجديد، وتضع له مساحة من خلال صعوده. وإذا وقع شیء رائع لكما معا كزوجين، فيجب أن تحتضنا الأجزاء الجديدة وتجمعاها معا وتشترکا معا في الشعور بالسعادة.
إذا تمكنت من التقاط صورة لحياتكما معا كما هي الآن، وتجميدها إلى الأبد فلن تصلح إلا للعصور القديمة، ولكن هذا الركود سيصبح مملاً فالتغيير هو ما يجعل الحياة شيقة ويجعل الأشخاص وعلاقتهم في تصاعد مستمر.
توقع التغييرات دائماً يقوي علاقتكما:
لكي تتمكن أنت وشريكك من عبور الطريق فعليكما أن تستعدا لأية تغيرات محتملة، ورغم أنه من الصعب أن تتوقع الأزمات التي يمكن أن تقع، إلا أنه في إمكانك أن تقوى من أساس العلاقة بينكما وتطور آلية فعالة جديدة لعلاقتكما.
وبهذه الطريقة سيصبح التغيير الذي سيحدث ليس شيئا تقلق بشانه ولكن فرصة عليك انتهازها لتقوية العلاقة بينكما.