لقد قرر الجميع الذهاب في استراحة الغداء إلى أحد المقاهي. وأنت تكره ذلك. وتكره رائحة الدخان، والضوضاء، والأحاديث التافهة عن برامج التلفاز الليلة الماضية.
لكن هل ستخبرهم بذلك؟ بالقطع لا. فأنت في حاجة إلى أن تكون مع الجماعة. أن تنصهر فيها. أنت في حاجة إلى أن يعتقدوا أنك واحد منهم، بروحك إن لم يكن بجسدك، دون أن تكون معهم بشكل واقعي. فمن السهل أن تتخلص من ذلك بالقول إنك مضطر للتسوق، أو زيارة صديق، أو الذهاب إلى التدريب.
لكن لا تعارض طريقتهم في قضاء استراحة الغداء فهذا يجعلهم ينظرون إليك على أنك غريب. ولا تخبرهم أيضا بأنك ستمكث في المكتب لقضاء بعض الأعمال — فسيظنونك متحذلقاً. لكن الأفضل أن تعتذر بالذهاب إلى التسوق، ثم ابحث لنفسك عن مكان لطيف توقف فيه سيارتك وتتناول فيه شراباً لطيفاً مع وجبة لذيذة -وليكن حاسوبك المحمول معك. فمن الممكن أن تؤدي كل الأعمال الإضافية خلال الاستراحة دون أن يعلم أحدهم بهذا.
لا تقل لهم إنك تعتقد أن الذهاب إلى المقهى والتدخين في أثناء الغداء أمر غير صحي وغير مفيد -لكن أخبرهم بأنك ستكون مشغولاً في أمر ما وعليهم الاستمرار دونك - وبهذه الطريقة سيتقبلك الجميع دون حتى أن تكون أحدهم. سوف يتم قبولك لو لم تخالف.
وربما قرروا جميعاً الذهاب للعب البولنج مساه الثلاثاء. لا يمكنك وقتها القول: " بأن البولنج لعبة السفهاء "، وبدلا من ذلك يمكنك القول: " آه من أمسيات الثلاثاء، إنه ميعاد اصطحاب والدتي للسينما، إنني آسف لعدم الحضور ". أو ما رأيك في أن تبتلع غرورك ومعاييرك وعدم استحسانك للأمر وتذهب معهم بالفعل. فمن يدري لعلك تستمتع بالذهاب. المهم هو أنك ستندمج معهم ولن تظهر اختلافك مع زملائك. فكن ذكياً في حركتك.
ليس من شأنك كيف يقضي غيرك أوقات فراغهم أو كيف ينفقون أموالهم ويعيشون حياتهم. فالذكي هو من يركز على طريقه متجاهلاً طرق الآخرين وكيف اختاروها. كيف تركيزك على ما أنت مقدم عليه وتجاهل أي شيء؛ يقوم به الآخرون. فمن خلال التجاهل يمكنك التوقف بسهولة عن إصدار الأحكام. فلو بدأت في إصدار الأحكام فستميز نفسك مما يجعل من الصعب عليك تجاوز المواقف والمرور بينها بسهولة ويسر. إنك بالحكم على الآخرين تصبح في مظهر الشخص المتطفل الذي يدس أنفه في شئون الآخرين، وهذا ليس بالأمر الذي ترغبه.