يظن معظم الناس أنهم يحققون هذا بالفعل، ولكنهم مخطئون. قد تظن أنك تقتطع لنفسك بعض الوقت المنتقى يومياً، ولكنني أراهن أنك لا تفعل، حتى في الوقت الذي تقضيه وحدك سوف تجد نفسك تقلق بشأن الغير، وتفكر في الأصدقاء والأسرة والأحباء، وأنك بذلك لا تمح نفسك ف واقع الأمر أية لحظة خالصة. إن ما أقصده هنا ليس ثورياً، أو مختلفاً أو مبالغاً فيه. بل إنه شيء سهل للغاية في واقع الأمر. فقط خصص لنفسك بعض الوقت على أساس يومي. عشر دقائق فقط (يفضل أن تصل المدة إلى نصف ساعة، هذا هو الوقت الأمثل) هي ما يجب أن تكرسها لنفسك تماماً. هل هذه أنانية؟ هل بالفعل؟ بالطبع هي أنانية، ولكنها أنانية مبررة، فأنت القائد، وأنت المهندس، وأنت الطاقة الدافعة، وأنت المحفز، وأنت الصخرة. أنت بحاجة لهذا الوقت لتوليد طاقتك، للتجديد، لتحميس نفسك. تريد هذا الوقت المستقطع لكي تعيد شحن نفسك وصيانتها. إن لم تحصل على هذا الوقت، فهذا يعني أنك لا تحصل على طاقة جديدة، أي أن محركك سوف يتعطل، وسوف تتهاوى أنت بالتالي.
إذن ما الذي سوف تفعله بهذا الوقت؟ الإجابة: لا شيء بالمرة. وأعني هذا تماما. أنت لن تستلقي في هذا الوقت في حوض الاستحمام، أو تلهو، أو تتأمل، أو تقرأ الصحف، أو تنام. إنه المساحة الضيئلة التي سوف تفسحها لنفسك، إنه وقت التقاط الأنفاس، ووقت الجلوس في صمت بدون عمل أي شيء. إنني أجد أن الجلوس لمدة عشر دقائق في الحديقة للتنفس فقط مرتين يومياً يعد بمثابة دفعة رائعة لي. إنني
أجلس هناك، وبدون أن أفعل شيئاً، وبدون أن أقلق، بدون أن أفكر، أجلس وحسب، وأقدر متعة كوني على قيد الحياة.
لقد اكتشفت هذه القاعدة عندما كنت في سن المراهقة. كنت أجدها طريقة لا تقدر بمال للتخلص من كل غضبي ومخاوفي. كانت أمي قد اعتادت في هذا الوقت أن تناديني دائماً قائلة: "ما الذي تفعل؟ "وكنتت أجيبها دائماً قائلاً: "لا شيء". لتجيبني دائماً أيضاً: "حسناً، تعال بالداخل، وسوف أبحث لك عن شيء تفعله"، كما أنها كانت قد اعتادت أن تقول أيضاً: "أنت لن تصل إلى شيء أبداً طالما تُبقي رأسك دائما متشبثاً بكتاب".
كما أنها تجيبني أيضاً، وكانت هذه هي الإجابة التي أفضلها: "لا أحد بحاجة لأن يفكر بقدر ما تفكر أنت"، كيف يمكن أن تجيب عن هذا؟
وقد اكتشفت أن الوقت الذي تقضيه بدون أن تفعل شيئاً هو ما يمثل الكثير من الأهمية، وكنت كلما سعيت لإضافة بعض التعقيدات افتقدت شيئاً. كنت إن أضفت قدحاص من القهوة لوقتي المنفرد يتحول الوقت إلى استراحة لتناول القهوة وليس مساحة أفسحها لنفسي. كنت إن استمعت إلى الموسيقى. كنت إن جلست بصحبة رفيق للثرثرة تحول الوقت إلى مناسبة اجتماعية. كنت إن قرأت الصحف تحولت تماماً عن مفهوم تخصيص وقت لنفسي. ليكن هذا الوقت بسيطاً، ومجرداً، ونقياً.