هذه القاعدة تسير جنباً إلى جنب في هدفها مع القاعدة السابقة. فعليك أن تعرف الشخص الذي يحظى بثقة المدير، وعليك أيضاً أن تعرف من الذي يدير المكتب. وربما كنت موظفاً كبيراً لكنك لن تحمل على مفتاح خزانة الأدوات المكتبية مهما حدث، ولن يحدث ذلك إلا إذا تحدثت مع " مارك " بلطف أولا. وقد تأتيك قهوتك الصباحية باردة إذا ما أغضبت طاقم الخدمة بتجوالك في الكافيتريا وذهابك بنفسك إليهم طالباً للقهوة دون المرور بالسكرتيرة أو مديرة المكتب أولا.
إن تقاليد المكاتب وتسلسلاتها الهرمية أمر عتيق، سخيف، يتسم بضيق الأفق، وقد تجاوزه الزمن، لكنه مازال يلازمنا بشكل كبير.
لقد عملت منذ زمن ليس ببعيد في مكتب تضطر فيه لأخذ ما تريد كتابته وطباعته إلى مديرة المكتب والتي تسلمها بدورها لموظف الطباعة ثم تعاد إليك لاحقاً، فقد كان ذلك هو الأسلوب السائد في المكتب، فلم يكن من المعتاد هناك أن آخذ الورق الذي أريد كتابته وطباعته إلى موظف الطباعة مباشرة.
وتظهر المشكلة لو أنك أغضبت مديرة المكتب بالتدخين بجوارها مثلاً، أو التحدث عن الرئيس بشكل مهين، أو استخدام ألفاظ غير لائقة، أو المجيء بملابس غير رسمية للعمل، وحينها سيرسل عملك إلى أسوأ موظف طباعة، وسوف يعاد إليك متأخراً ومليئاً بالأخطاء وبعض بقع القهوة.
لكن حين تكون على وفاق مع مديرة المكتب فسوف تتغير الأمور، وستجد أن الأوراق المراد كتابتها وطباعتها مقدمة لك بشكل مثالي وفي موعدها وبدون أخطاء.
وربما أردت القول بأن هذا ما كان عليه الوضع، وأنني لم أكن أستطيع الشكوى من ذلك. نعم، ولكن مديرة المكتب هذه لم تكن مديرة مكتبي. وأنا ما كنت أستخدم آلة الطباعة إلا أحياناً، وقد كنت أعلى رتبة من هذه المديرة. لكنني ظللت في حاجة للمرور بهذا التسلسل الذي أشكل حلقة منه كي أطلب العفو من موظف أصغر ليؤدي لي مهمة تافهة وروتينية. وبالطبع كان هذا يدفعني للجنون حين أكون مضطراً لبذل الوقت الطويل في ملاحظة مديرة المكتب حتى تسمح بإنجاز خطاب. وقد كان الوقت يضيع دون عمل مجد. لكنك على حق، فعلينا أن نتعامل مع ما لدينا من أوضاع. إذن ما الذي علينا فعله؟ ما علينا فعله هو التعامل بحنكة. فليس أمامنا من خيار سوى الابتسام والتودد إليهم.