فهم المهارات الأربع للذكاء العاطفي:

ينبغي لك فهم مهارات الذكاء العاطفي الأربع وماهيته على أرض الواقع، حتى يمكنك تطوير قدرتك في كل مهارة من المهارات. وتقسم مهارات الذكاء العاطفي الأربع إلى زوجين تحت كفاءتين أساسيتين: الكفاءة الشخصية، والكفاءة الاجتماعية. وتتكون الكفاءة الشخصية من مهارتي وعيك الذاتي وإداراتك الذاتية، ومن ثم ينصب التركيز عليك بشكل مفرد لا على تفاعلك مع الأشخاص الآخرين. إن الكفاءة الشخصية هي قدرتك على الاحتفاظ بوعيك بمشاعرك وإدارة سلوكك وميولك. أما الكفاءة الاجتماعية فتتضمن مهاراتي الوعي الاجتماعي وإدارة العلاقات؛ فالكفاءة الاجتماعية هي قدرتك على فهم الحالات المزاجية للآخرين وسلوكياتهم ودوافعهم حتى تتمكن من تحسين جودة علاقاتك معهم.

الذكاء العاطفي والوعي الذاتي

الوعي الذاتي هو قدرتك على إدراك مشاعرك في وقتها على نحو صحيح وفهم ميولك عبر المواقف.

ويشمل الوعي الذاتي إدراك ردود أفعالك لأحداث وتحديات وأشخاص محددين. كما أن الفهم العميق لميولك أمر مهم؛ حيث يساعدك على إدراك مشاعرك. ولتحقيق درجة مرتفعة من الوعي الذاتي، يقتضي الوضع الاستعداد لتحمل الضيق الناتج عن التركيز على المشاعر التي قد تكون سلبية نوعاً ما.

والسبيل الوحيد لفهم مشاعرك بصدق هو أن تستغرق قدراً كافياً من الوقت في التفكير في تلك المشاعر لتتوصل إلى منبعها وأسبابها. فلا بد من وجود غرض ما وراء المشاعر. ونظراً لأن المشاعر ما هي إلا ردود أفعال لما تمر به من تجارب خلال حياتك، فلا شك في أنها تنبع من مكان ما.

وفي العديد من المرات، تبدو المشاعر كما لو كانت تظهر بدون سبب، وتجدر هنا الإشارة إلى أهمية فهم الأسباب وراء رد فعلك تجاه شيء ما.

والشخص الذي يقوم بذلك، يمكنه أن يتوصل في وقت وجيز إلى حقيقة أحاسيسه. فالمواقف التي تنشأ عنها مشاعر قوية سوف تتطلب المزيد من التفكير على الدوام، كما أن فترات التأمل الذاتي الممتدة تقيك من فعل شيء تندم عليه.

إن الوعي الذاتي ليست له أية علاقة باكتشاف الأسرار الغامضة الكامنة أو دوافع اللاوعي، بل ينتج هذا الوعي عن تطوير فهم مباشر وصادق لشخصيتك. فمن ترتفع لديهم مستويات الوعي الذاتي تتضح رؤاهم في فهم ما يقومون به جيداً وما يحفزهم وما يرضيهم وأي المواقف والأشخاص التي تعد مثيرة لردود أفعالهم.

أما ما يبعث على الدهشة بشأن الوعي الذاتي، فهو أن تفكيرك في هذا الأمر يساعدك على تطوير تلك المهارة، على الرغم من أن القدر الأكبر من التركيز ينصب مبدئياً على ما تفعله من أمور "خاطئة".

أي أن الوعي الذاتي يعني عدم خوفك من "أخطائك" الشعورية، فتلك الأخطاء تنبؤك بما ينبغي لك فعله على نحو مختلف وتزودك بمصدر متدفق مستمر من المعلومات التي تحتاجها للفهم بينما حياتك تتكشف أمامك.

إن الوعي الذاتي مهارة أساسية؛ ما إن تتوفر لديك، حتى يصير أمر مهارات الذكاء العاطفي الأخرى يسيراً. وما إن يزداد الوعي الذاتي، حتى يبلغ رضا الشخص بحياته – أي قدرته على تحقيق أهدافه في العمل والمنزل – عنان السماء. فالوعي الذاتي أمر بالغ الأهمية لأصحاب الأداء الوظيفي المرتفع حتى نسبة 83 بالمائة من أصحاب الوعي الذاتي المرتفع يقومون بأداء وظائفهم على أفضل وجه، في حين أن نسبة 2 بالمائة فقط من أصحاب الأداء المنخفض يرتفع لديهم الوعي الذاتي. فلماذا يبدو الأمر كذلك؟

عندما تصبح واعياً بذاتك، تزداد احتمالية اقتناصك للفرص المناسبة وبذل قواك في العمل على نحو أكبر، وأهم ما في الأمر هو إحكام قبضتك على مشاعرك حتى لا تقف في طريقك حجر عثرة.

لم تصل الحاجة إلى الوعي الذاتي إلى هذا القدر من الأهمية من قبل. ونظراً لاتباعنا تلك الفكرة الخاطئة الشائعة حول أن علم النفس يتعامل مع علاج الحالات المرضية فحسب، نعتقد أن وقت إدراكنا لذاتنا يحين عند مواجهة الأزمات. فنجنح إلى قبول ما يبعث في نفوسنا الراحة، ونتعامى عما يواجهنا من اضطرابات. إلا أن غايتنا ينبغي أن تكون في إدراك الوضع كاملاً بكل جانب من جوانبه. فكلما كان فهمنا لمواضع الحسن والخلل أكثر عمقاً، زادت قدرتنا على تحقيق أقصى طموحاتنا كاملة.

نماذج عن الوعي الذاتي والذكاء العاطفي:

نموذج ديف تي. مدير مرفق إقليمي -  حاصل الوعي الذاتي = 95* 

ماذا يقول عنه زملاؤه في العمل:

"لدى ديف أهداف طويلة المدى تتسم بالوضوح، كما أنه لا يقدم أيَة تضحيات من أجل مغانم قصيرة الأمد. ينتمي ديف لتلك الفئة من الناس التي تعرف بالاستقامة، فلا يمارس الألاعيب الذهنية مع الآخرين. لقد شاهدت هذا بأم عيني في اجتماعات الشركة وفي الاجتماع مع العملاء".

"أفضل ما يمكنني طرحه من أمثلة عن ديف هو انتقاله إلى شركتنا. أنا على يقين من أنه كانت هناك رغبة في إجراء بعض التغييرات على الفريق الإقليمي منذ البداية، لكن ديف اعتنى عناية فائقة بدراسة المشكلة والفريق والعملاء قبل أن يتم تلقي اقتراحات أو أوامر رسمية بالتغيير".

"لإيجاز القول، يعمل ديف على إدارة مشاعره؛ ولا يتركها توجهه. لقد رأيته يتلقى أخباراً عن صعوبات في العمل في عبوس مقتضب ثم يتجاوز ذلك سريعاً ليعمل مع فريقه لإيجاد الحلول لتحسين الموقف". * يتم قياس النتائج على مقياس من 1 – 100 وفق اختبار تقييم الذكاء العاطفي. ولقد تم نقل النتائج وتعليقات زملاء العمل عن أشخاص حقيقيين. مع تغيير الأسماء والمعلومات الدالة على الشخصية.
 

ماريا إم. مديرة الموارد البشرية - حاصل الوعي الذاتي = 90

ماذا يقول عنها زملاؤها في العمل:

"في كل موقف كنا نمر به، سواء كان حسناً أو سيئاً، كانت ماريا تبدو هادئة ساكنة متماسكة، حتى عندما كنت أدرك أنها تشعر بالإحباط أو الغضب. تمتاز ماريا بالصدق في كل ما تشعر به دون الحاجة لأن تظهر أمارات الضيق والغضب عليها. وعندما تواجه موقفاً عصيباً، تعرف كيف تصير صارمة ولطيفة في الوقت ذاته".

"إن ماريا شخصية متفتحة ومحل ثقة على الدوام، ويبدو ذلك جلياً لكل شخص تتعامل معه.

أود لو أن ماريا لا تتغير: ومع ذلك، فإنها تصير قاسية بعض الشيء في بعض المواضع. إنها على دراية بذلك وتعمل على ألا يغلبها اللطف في تلك المواضع".

"خلال التحديات التي تواجه الموظفين، تعي ماريا نبرة صوتها وتبذل جهدها لكي تتحدث كما ينبغي. إنها موضع ثقة الجميع هنا"

- نماذج لقلة الوعي الذاتي بالذكاء العاطفي

تينا جي. مدير التسويق - حاصل الوعي الذاتي = 69
ماذا يقول عنها زملاؤها في العمل:

"يظهر التوتر والعجلة على تينا في المناسبات، ومن ثم تنتقل تلك المشاعر إلى الأشخاص الآخرين. من الأفضل لها أن تفهم على نحو جيد كيف تؤثر سلوكياتها على أعمال الآخرين وتوتر مشاعرهم. كما تبدو في بعض الأحيان أيضاً متحفظة أو عنيفة، لذلك من الأفضل لها أن تعي نبرة صوتها وأسلوبها في الحوار".

"عندما تسير الأمور على ما يرام بالنسبة لتينا، ترتفع مهارات الذكاء العاطفي لديها. إنها في حاجة لأن تتعلم كيف تعي ذاتها، وتلاحظ ما يثيرها حتى تستجيب بشكل أفضل عندما يقع ما يثيرها".

"ينبغي لها أن تدرك نظرة الآخرين إليها. فقد تبدو في بعض الأحيان لحوحة، لكنني لا أعتقد أنها تقوم بذلك عن قصد".      
 

جيلز بي.، مدير العمليات - حاصل الوعي الذاتي = 67

ماذا يقول عنه زملاؤه في العمل:

"يعيش جيلز متقوقعاً في عالمه الصغير. ويتضح في الظاهر اهتمامه بزملائه في العمل على أفضل نحو، إلا أنه لا يعرف متى يضع حدوداً لذلك. وقد تبدو شخصيته مهيمنة، إلا أنه لا يلاحظ مدى انزعاج الطرف الآخر أو إحباطه أو خضوعه له".

 "عندما يعمل جيلز مع العملاء، يبدي مهارة في التحدث عما نقدمه من سلع وخدمات. أما في المشروعات الجماعية، فقد يركز أحياناً على الناتج إلى أقصى حد، حتى تضيع العملية ذاتها. إن كان بإمكانه أن يتمهل ويهدئ مشاعره، ثم يلقي نظرة على الخيارات المتاحة حتى يصل إلى الهدف المنشود، سوف تسير الأمور بكل سلاسة ويسر".
"يتحمس جيلز لكل ما يقوم به من أعمال، إلا أن حماسه في بعض الأحيان يصبح عقبة في طريقه. قد لا يلاحظ أنني مشغول بأمر آخر قبل أن يأتي ليحادثني في أمر ما. وعندما يصير أكثر حماسة يعلو صوته فوق صوتي، فيصير من الصعب أن أتحدث إليه. أعرف أن جيلز لا يقصد ذلك؛ إنها الحماسة لما يقوم به من عمل فحسب".