صدقني، إن كنت ترى أن القاعدة السابقة كانت ثقيلة، جرب هذه ... ولكن المستقبل هو ما سوف يحدث فيه كل شيء، أسمعك وأنت تصرخ قائلاً: سأكون ناجحاً وسعيدا وغنيا وجميلا ومشهورا، سأجد ضالتي في الحب والعمل، بعيدا عن هذه العلاقة الفاترة، بعيدا في المدينة، ومحاطا بالأصدقاء، وبأفخم أنواع الحياة الباذخة. أجل، قد تكون هذه خططًا أو أحلاماً أو أياً ما تكون. ولكنني أكرر ثانية أن هذا المكان وهذا الزمان هو ما تعيش أنت فيه في واقع الأمر. هذه هي اللحظة التي انتظرتها طوال حياتك. هذه هي اللحظة التي يجب أن تقدرها بدون كل هذه الأشياء الأخرى التي تتوق إليها. إن الاشتياق لشيء ما هو أمر رائع بالفعل. كما أن هذه الأحلام التي تحملها أيضاً شيء جميل أيضاً. لا تسمح لأي شخص أبداً بأن يثنيك عن أحلامك. ولكنك يجب أن تقدر أنك أنت الآن الذي تعيش الحلم. استمتع بالتمني والاشتياق. استمتع بأنك تحيا، وتملك القوة والحيوية لتحقيق حلمك.
إن عيش اللحظة لا يعني أن تلقي بكل مسئولياتك واهتماماتك، ولا يعني أن تتخلى عن كل شيء، وتصبح أثير متعتك ورغباتك، ولا يعني أن تكتفي بالتأمل والاسترخاء، على الرغم من أن كل هذه الأشياء جيدو، ولا بأس بها إن أردت. وإنما يعني أنك يجب أن تقتنص بضع لحظات من وقت إلى آخر لكي تقدر بقاءك على قيد الحياة، وأن تتصرف وكأن اليوم يعني الكثير بالنسبة لك، وتستمتع بكل لحظة ن حياتك الراهنة عن آخرها، عش الزمان والمكان الحاليين.
يمكنك أن تتصور كل السعادة المرتقبة، وتقصرها على المستقبل، آه لو كنت فقط أكثر ثراء، وشباباً، وصحة، وسعادة، ونجاحاً في الحب، وأكثر توفيقاً في العمل، في الأبناء، في اقتناء سيارة أفضل، إن كنت أكثر نحافة، ولياقة، وأكثر كثافة في الشعر، إن كنت أملك أسناناً أفضل، وملابس أكثر، والقائمة لا تنتهي. إن كنت تملك بالفعل تغيير هذا أو ذاك أو أي مما تريد فهل ستشعر بالمثالية، هل تظن ذلك؟ كلا للأسف، إن الأمور لا تسير هكذا. عندما يتم تغيير هذا أو ذاك فسوف تتوق دائماً إلى إنجاز شيء آخر، سوف تتوق إلى حدوث شيء آخر، وترجئ شعورك بالسعادة إلى وقت لاحق. إن وجدت نفسك فجأة أكثر نحافة أو لياقة أو أياً كان، فسوف تجد نفسك تتوق إلى شيء آخر، المزيد من الثراء ربما، أو المزيد من الحب من قبل زوجك ...إلخ. سوف تبحث عن أشياء أخرى تتمناها لكي تصبح أكثر سعادة.
انس الأكبر، والأفضل، والأكثر ثراءً، والأكثر نحافة. إن الأساس هو أن تقدر ما تملكه الآن، ومع ذلك لا تتخل في نفس الوقت عن حلمك وخططك. سوف تكتسب بذلك المزيد من السعادة الآن إن تخيلت عن تشبثك الدائم بالمستقبل حيث تتصور سعادتك كامنة فيه.
ولا تظن أنني أقول ذلك لأنني أملك كل ما أريد، فهذا ليس حقيقياً. فأنا أيضاً بحاجة للتخلص من بعض الوزن الزائد، وبالطبع بحاجة لأن اكتسب المزيد من اللياقة، واقتناء المزيد من الأشياء (وكم نحب جميعا اقتناء الأشياء). ولكنني أيضاً أقدر ما أنا فيه، وأقدر ما أملكه الآن، لأن هذا – وهذا هو السر – هو الواقع الحقيقي. إن نفسي الآن هي نفسي الحقيقية التي أملكها، لأن المستقبل لم يولد بعد وقد لا يحدث (تقصد أنني لن أتخلص من الوزن الزائد، أو أكتسب المزيد من اللياقة. أجل، هذا صحيح). كما أن
كل ما أملكه الآن من أشياء حقيقي وملموس وموجود. إن الأحلام عظيمة، ولكن الواقع لا بأس به هو الآخر.