أياً كان الماضي، فقد ولَّى. أنت لا تملك حيلة لتغيير أي شيء ولَّى وانقضى. لذا عليك أن تركز انتباهك على اللحظة الراهنة والمكان الحاضر. قد يكون من الصعب أن تقاوم رغبة الإسهاب في كل ما انقضى. ولكن إن أردت أن تكون ناجحاً في حياتك، يجب أن تولي كل انتباهك لما يجري حالياً نصب عينيك. قد تشعر برغبة في أن تتعلق بالماضي، لأنه كان رهيباً أو ربما كان رائعاً. وفي كلتا الحالتين، عليك أن تترك الماضي وراءك، لأنك لا تملك إلا العيش في الحاضر.
إن كنت تزور الماضي بدافع الشعور بالندم، إذن فأنت بحاجة لأن تصارح نفسك بأنك لن تملك قدرة الرجوع، وتغيير ما حدث. إن بقي الشعور بالذنب ملازماً لك، فلن يعود عليك هذا إلا بالشعور بالأذى. لقد أقدمنا جميعاً على اتخاذ قرارات سيئة أثرت على كل من حولنا – ممن نكن لهم كل مشاعر الحب – بالسلب. ولكنك لا تملك ما ينظف صحيفتك. إن ما تستطيع عمله هو أن تتخذ قراراً بألا تقدم على مثل هذه التصرفات السيئة ثانية. هذا هو أقصى ما يمكن أن يطلب منك، أن تعترف بأنك قد أخطأت، وتسعى جاهداً لعدم تكرار هذا الخطأ ثانية.
إن كان الماضي أفضل بالنسبة لك، وإن كنت تتوق إلى أيام مجدك وعزك، إذن عليك أن تتعلم كيف تقدر الذكريات، ولكن عليك أيضاً في نفس الوقت أن تتحرك إلى الأمام، وتبذل كل جهدك في البحث عن وسيلة مختلفة للاستمتاع بوقتك الآن. إن كنت بالفعل تعيش حياة أفضل وقتها (اخلع عن عينيك هذه النظارات الوردية لدقيقة) ربما تستطيع أن تحلل السبب – هل هو المال، السلطة، الصحة، الحيوية، المرح، الشباب؟ ثم انتقل بعدها لسبر أغوار آفاق جديدة. كلنا يجب أن نخلف هذه الأشياء الطيبة وراءنا بحثاً عن تحديات جديدة، بحثاً عن مصادر إلهام أخرى.
كل يوم نستيقظ فيه هو بداية جديدة يمكن أن تجعلنا نحقق ما نريد، ونكتب ما نريد على الصحيفة البيضاء البكر. إن مواصلة الاحتفاظ بروح الحماس يمكن أن يكون شاقاً – إنه أشبه ببدء مزاولة التدريبات. في المرات القليلة الأولى سوف تجد الأمر شاقاً للغاية، ولكنك إن ثابرت سوف تجد نفسك في يوم من الأيام تقفز وتمشي وتسبح بشكل تلقائي بدون أن تشعر بأي جهد. ولكن المواصلة والمثابرة تتطلب جهداً كبيراً، وطاقة هائلة من التركيز والحماس والتفاني والمثابرة.
حاول أن تنظر إلى الماضي باعتباره غرفة منفصلة عن الغرفة التي تعيش فيها الآن. يمكنك أن تذهب لزيارتها، ولكنها لم تعد بيتك بالمرة. إن بيتك هو تلك اللحظة الراهنة. إن كل ثانية من الحاضر هي ثانية غالية، لا تهدر هذا الوقت الثمين بقضاء وقت أكثر من اللازم في الغرفة القديمة. لا تدع ما يحدث الآن
يفوتك، لأنك كنت منشغلاً بالنظر إلى الوراء، أو في وقت لاحق بانشغالك بما يجري الآن، ومساءلة نفسك عن سبب إهدارك لهذا الوقت. عش هنا، عش الآن، عش هذه اللحظة.