يتعلق بهذا
إن لم تكن ممن يتسترون على الآخرين، فأي فائدة تعود عليهم من معرفتك؟ لقد أخبرتك بأنه عالم شرس وفيه يتوقع الناس منك الكثير، فهم يتوقعون منك أن تحمل أوزارهم وأن تتستر على أعمالهم وتقوم بالأعمال القذرة نيابة عنهم وتحمي ظهورهم -وكل ذلك في وقت واحد. لكنك وقد أصبحت أحد أصحاب القواعد تلك التي تخرجك من دائرة الصراعات المكتبية، فقد أصبحت نموذجاً منفرداً، فأنت لا تشارك سمك القرش طعامه، وتتجنب في الوقت ذاته أن تكون طعاماً له، فمن أنت إذن، وإلى أي شيء تسعى؟
إنك بحيرة الهدوء. وعين العاصفة، وأنت قوة الفريق المعتمدة، أنت الذي لا تقبل الاهتزاز ولا يمكن أن تهتز، أنت القاعدة الأساسية للأمانة، أنت المعيار الذي يحكم به زملاؤك عملهم. فإذا رأيت أن أمرا لا ينبغي الخوض فيه أخذوا ذلك عنك، وإذا أدرت ظهرك لموقف خداع عرفوا أيضاً أنه لا ينبغي لهم الاقتراب منه. وذا قلت إن ذلك أمر حسن، فسيتبعونك في استحسانه.
إنك حامل الميزان، إنك المعيار الذي يوزن به كل شيء. ألا تصدقني؟ جرب وسترى.
ولأنك محل ثقة زملائك، فإنهم سريعاً ما سيعتمدون عليك في طلب النصيحة والإرشاد -ولا ينبغي عليك حينذاك أن تبذل لهم شيئاً دون مقابل، فكل تشجيع تقدمه لأحدهم، وكل دفعة في الاتجاه الصحيح، وكل ملاحظة مفيدة أو تلميح، ينبغي أن تحصل على ثمنها في المقابل، وثمنها هو الولاء. وليس ضرورياً أن تكون راعياً مع القطيع، المهم أن يدرك القطيع أنك القائد. ولكن كيف لك أن تحقق ذلك؟ والإجابة: باللطف، بمراعاة الآخرين، بأن تكون مستقيماً في فعلك هذا، بألا تخذل زملاك، أو أن تكون عينا ً عليهم، وبألا تنقل عنهم أو توقعهم ضحايا. بأن تكون دائماً مبتهجاً، وداعماً لغيرك، ومخلصاً، لا تقم أبداً بالتستر على أحد، لكن ابق دائماً قريباً منهم؛ حامياً إياهم متعاوناً معهم، مراعياً لهم مهتماً بهم على نحو أدق، وحينذاك سيسلمون لك قيادهم؛ لأن الإدارة لعبة نادراً ما تدار بهذه الاستقامة الأمر الذي سيجعل موظفيك يشعرون بالأمان وبأنه ليس هناك حاجة لاتخاذ موقف دفاعي ضد الإدارة، وأن يكونوا بحاجة لحماية أنفسهم منها، والقليل من الكتب في مجال الإدارة تعلمك كيف تكون لطيفاً، مستقيماً، وأميناً، لكن غالباً ما تكون الفكرة الرئيسية. في هذه الكتب أن تكون قاسياً، محارباً، منافساً. والنتيجة هي أن ينسى كل منا آدميته ونصبح في مجتمع أشبه بالغابة، يأكل فيه القوي الضعيف، إنك أنت من ستتقدم وتظهر لهم كيف يكون العمل، وكيف تسير الإدارة على نحو صائب، وسوف يتبعونك لأي مكان.