أكدنا لك سابقاً أنه لا ينبغي عليك الكذب مطلقاً ولا ينبغي التستر على أحد الزملاء أبداً، لكن لا ينبغي أيضاً أن تكون مبالغاً وتحكى حكايات من تلقاء نفسك، فليس عليك أن تتطوع بإبداء المعلومات إلا إذا كان هذا في صالحك، فحين تعرف بأمر خطأ ما ارتكبه أحد زملائك دون قصد أو أفسد شيئاً ما، فإن هذا لا يعني أن تسع لرئيسك مفشياً له ما حدث. وربما يكون من الأفضل أن تتراجع وتراقب الأمور في تطورها. وإذا كان هذا الزميل، على علم بأنك تعلم بما حدث ولم تش بالأمر، فقد يصبح ذلك معروفاً لك عندما تسترجعه لاحقاً.
لكنك إن سئلت فلن تكذب بالطبع -لكن كن مدركاً للفارق بين الحقيقة والحقيقة الكاملة، فعدم الكذب أمر، وأن تندفع بقول كل ما تعرفه أمر آخر. أحيانا تحتاج إلى التمتع بالحنكة فيما يخص الحقائق التي ستذكرها. إن السر في هذه القواعد أنها تمكنك من النجاح والاستمرار في الوقت الذي تظل فيه متوائماً مع نفسك وتظل كذلك شخصاً طيباً. هذا يعني أنك لن تكذب أو تتستر على أحد لكنك في الوقت ذاته لن تكون عيناً على زملائك، أو مخبراً عنهم، أو خائنا لهم ولن تطعنهم أو تبيعهم أو تقضي عليهم.
إننا اليوم في عالم يسوده قانون الغابة، القوي يأكل فيه الضعيف لكن كن على حذر، فهناك الكثير من الشخصيات القذرة، وهناك الكثير من الوحشية السائدة حولنا، لكن لا ينبغي عليك أن تشارك في ذلك، ولا يجب عليك أيضأ أن تروض الوحوش من حولك-كل ما عليك هو أن تتعلم متى تتكلم متى تصت عن الكلام.
أتصور أن ما ينبغي عليك فعله هو أن تكون دبلوماسياً -يعرف ماذا يقول ومتى يقوله أو أن تكون كالخبير في فنون القتال -تعرف كيف تفكر بثبات أو تكون كالمعالج -يدع الناس يأتون له بمشاكلهم، لكنك تحتفظ بها لنفسك، أو كالمعلم الروحاني -يرى كل شيء ويعرف كل شيء ولا ينطق إلا بالقليل.
لذا فحين يسألك أحدهم عن رأيك في التقرير الذي كتبه فينبغي أن تفكر أولاً في حقيقة سؤاله، هل يريد الحقيقة فعلاً؟ فتكون إجابتك أن تقريره سيئ للغاية، أو أنه يريد جزءاً محدداً من الحقيقة فتكون إجابتك حينها بأن التقرير جيد ويؤدي الغرض منه. أم أنه يريد حقيقة واضحة؟ فتكون الإجابة أن التقرير جيد لكنه أغفل أشياء كثيرة، أم هل يريد حقيقة داعمة؟ فتكون الإجابة أن التقرير جيد وقد أعجبك وأنه يعجبك كموظف وأن تقريره جيد للغاية. أم هل يريد الحقيقة الفعلية؟ وحينها ستكون إجابتك أنك لم تجد الوقت لقراءة تقريره لأنك لا تحبه؛ ولأنك تعتقد أن تقريره سيكون مملأ مثله تماماً.