طريق الخُروج من متاهة الفرض في العلاقات العاطفية:
لترياق الفروض ثلاثة مكونات هي: الوعی، الاختبار، والتواصل، ولكي تصبح واعيا للفروض ستحتاج لأن تدرك متى يكون هناك فجوة بين توقعاتك وما حدث بالفعل، ثم حاول أن تكشف الفرض المستتر خلف هذا التوقع.
دعنا ننظر إلى "سامنثا" التي أصابها الإحباط عندما لم يرسل لها مارك الزهور في عيد الحب، اقرأ بعناية الآتي لتعرف كيف أخرجتها من هذه الحالة:
- بماذا تشعرين؟
- سامنثا: بالإحباط.
- لماذا؟
- سامنثا: لأنني لم أحصل على الزهور.
- ماذا يعني تلقي الزهور بالنسبة لك؟
- سامنثا : أننی محبوبة
- هل يعلم مارك ذلك؟
- سامنثا: في الواقع، کلا، ولكن يجب عليه.
وفي الوقت الذي أوضحت ماكانت تفرضه من أن مارك يجب عليه أن يعرف ماتريده، وتؤمن به بأن الزهور تعني الحب، أصبحت سامنثا على وعی بتوقعاتها غير المنطوقة بأن مارك كان عليه إرسال زهور في عيد الحب، كانت تتوقع من مارك أن يتصرف حسب توقعاتها سواء بأن يكون لديه نفس درجة حبها للزهور أو تكون لديه القدرة على قراءة أفكارها.
فمع الكشف عن هذا الافتراض وعرضه أمامك يمكنك حينذاك أن تختبر ما إذا كان هذا الافتراض لايزال صحيحة وحقيقية بالنسبة لك. إذا لم يكن كذلك، فيمكنك أن تطيح به هو والتوقعات التي تنشأ عنه. وإذا كان لايزال صحيحة الديك فيمكنك أن تتواصل به مع شريكك فتصبح هي أو هو مدركة له ويمكن لكما أنتما الاثنين أن تتفاوضا وتصلا إلى نتيجة مناسبة لكليكما.
ففي حالة سامنثا بالرغم من أنها كانت ترى في الزهور سعادتها، وعدم وجودها يجلب لها التعاسة أو يوضح أن هذا الشخص لايحبها، إلا أنها أطاحت بافتراضها بأن الزهور تساوي الحب.
وعلى الرغم من ذلك فبعدما أعادت النظر في أفكارها القديمة، خلصت سامنثا بسهولة إلى أن الزهور ضرورية بالنسبة لها لتجعلها تشعر بأنها محبوبة. وفي تلك الحالة كانت بحاجة لإخبار مارك بهذا التوقع، بحيث يتمكن مارك من أن يختار كيف يتعامل معها بعد ذلك في عيد الحب.
الحاجة إلى بيئة آمنة في العلاقة العاطفية:
يمكنك أن تمتلك أفضل مهارات التواصل في هذا العالم، ولكن تلك المهارات لن تكون ذات أهمية لك إذا كنت تخاف استخدامها.
والتحدي الذي يواجهك هنا في التواصل، ويصعب عليك الأمر إذا واجهت الخوف من الرفض والنقد أو أي شكل آخر من أشكال الخصومة أو العداء. ولكي يكون التواصل فعالا فهناك حاجة إلى توفير بيئة آمنة لكلا الطرفين للتعبير عن أفكارهما ومشاعرهما بصدق.
الشعور بالأمان" يعني أن تكون - وبصورة كاملة - كما أنت. فتشعر بالتشجيع للتعبير عن نفسك، وتكون مستعدا للمغامرة، وعرض حقيقتك الداخلية أمام الآخر وأن تكون متأكدا من أن أحدا لن يؤذي مشاعرك وتشعر أنك مقبول كما أنت لدى الآخر فتشعر بشجاعة أكثر للتعبير عن حقيقتك.
توقف عن انتقاد طرفك الأخر
لكي يكون هناك بيئة آمنة، يجب أن يتوقف كلا الطرفين عن انتقاد الآخر، فالمحاكمة والنقد يخلقا مناخا مليئا بالشعور بالحصار والضغط والتهديد ويجبر الكثير من الأشخاص على التقوقع داخل أنفسهم بدلا من المخاطرة ووضع أنفسهم في حالة من عدم الراحة أو الألم. أما البيئة الآمنة الصالحة فتفتح خطوط الاتصال وتعمق المودة بين الطرفين، أما البيئة المحفوفة بالمخاطر فتغلق قنوات التواصل وتخلق فجوة بين الطرفين.
ولكي تجعل البيئة آمنة لمن تحب، عليك بالتوقف عن محاكمته وانتقاده بشدة: فتستمع إلى أفكاره ومشاعره، وتستمع إلى مفاهيمه واعتبارات وقلقه دون تعليق أو نقد أو مجوم. فيجب أن تتوقف عن محاكمته على كلماته وتصرفاته وتسمح له بالتعبير عن نفسه بامان في وجودك بدون خوف من الرفض أو النفور، ويجب أن تسمح له بالتعبير عما يجول في خاطره "في جو مشمس وسماء صافية" وتدعمه بتشجيع وقبول غیر مشروطين.
فعلى سبيل المثال، إذا أخبرك شريكك بأنه لم يعد يحتمل ماتفرضه عليه وظيفته وأنه ينوي تركها فعليك أن تستمعي له دون أن تطلبي منه على الفور کیف سیکسب قوته بعد ذلك، أو تقولى له أنه بترك وظيفته سيكون متسرعة، وإذا صارحك شريكك بأنه لا يرغب في زيارة والديك، لأنه يشعر بأنه غير مرغوب فيه، فتوقفي عن محاسبته وقومي بتشجيعه على الاستمرار في التعبير عن مشاعره بدلا من كبتها.
يمكن أن تكون مسألة التوقف عن محاكمة الآخر أسهل إذا تخيلت أنك تستمع إلى طفل يخشى أن يقول الحقيقة، فعندما تأتي إلى طفلتی جنیفر وعلى وجهها تلك النظرة التي أعرفها جيدا، فدائما أقوم بتشجيعها لتطلعني على الحقيقة وذلك بالتأكيد عليها أنني لن أقوم بتأنيبها، فعندما تستمع لشريكك بحب وعطف فأنت بذلك تتجنب ذلك الجزء الذي بداخلك والذي يبحث عن زلة لينقض عليها. هذا النوع من تقبل الآخر يجعلكما متوحدين، ولا يحولكما إلى أعداء ويشعركما بالأمان حين تجعل الطرف الآخر يرى مابداخلك.