حين اتفقت مع أحد الناشرين على بيع أحد كتبي وقعنا عقدا. وقد حدد العقد كل الأمور القابلة للنسيان. وحين سلمت النص للناشر قال لي: " هذه مائة صفحة وأعتقد أننا اتفقنا على مائتين " وحينها أخرجت العقد ووجدت الفقرة الخاصة بذلك التي تقرر بوضوح حد المائة صفحة، أو عدد الكلمات، أو أياً كان ما يحدده العقد.
وهكذا لو طلب منك رئيسك عملاً ما ودونت ذلك أمامه -فسيكون من الصعب المجادلة بأنك قد أخطأت في العمل أو تأخرت في أدائه.
ولو أن عليك تسليم تقرير-فاكتب لرئيسك ملخصاً سريعاً توضح فيه الحقائق البارزة، بشكل مختصر، حتى لا يحدث ارتباك بعد ذلك، واحتفظ بنسخة من ذلك الملخص، وتأكد من أنه يعلم ذلك.
هذه الآلية ليست لحمايتك لأنك سوف تفعل ما يسوء، وإنما هي لتوضيح الأمور. فإذا كانت كل الأمور مكتوبة فسيجعل هذا من عملك أمرا بسيطاً وسهلاً، فمن يمكنه المجادلة مع الحقائق المكتوبة؟ صحيح أن هذه الأشياء يمكن تزويرها، وكتابتها بعد ميعادها، تغييرها، تعديلها أو إعادة كتابتها لكئنا نفترض أن ذلك لن يحدث.
ومن العجيب أن أصغر التفاصيل غالباً ما تسبب أعظم الضيق والغضب إلا إذا قمت بكتابتها في المقام الأول، إن احتفاظك بمدونات كتلك ليس أمراً سخيفاً، لكنه من قبيل الحذر، فلا أحد يملك ذاكرة لا تخطئ، وكلنا ينسى التواريخ والأوقات والتفاصيل. لكن حين نستخدم مفكرة لأمر ما نستطيع الرجوع إليها بعد ذلك. وغالباً ما سنفاجأ بسوء، مقدرتنا على تذكر الأشياء.
وحين تقرأ كتباً في الإدارة فستلقى نصيحة بأن تتخلص من كل التقارير والرسائل الإلكترونية والفاكسات بعد زمن محدد، فلو لم ترجع إليها خلال سنة أشهر فلن تحتاج إليها. هذا محض هرا. إن عليك أن تبقى على أي شيء. وبدلا من التخلص من الأوراق، حاول زيادة ساحة تخزينك، إلا إذا كنت متأكداً تمام التأكد من أنك لم تعد في حاجة إلى تلك الأوراق، لقد وقعت ذات مرة في شجار كبير مع أحد الناشرين ( ليس سابق الذكر بالطبع ) في أمر يتعلق بكتاب كتبته قبل ذلك بخمس سنوات، ولم يكن في العقد ما يفصل في هذا الأمر لكنني كنت محتفظاً بمذكرات أصلية وأمكنني إظهارها في ذلك الوقت-ويشبه ذلك إبراز واجباتك في صف الرياضيات بالمدرسة - وقد كنت محتفظاً بواجباتي، وأثبت للناشر أن ما نشروه كان بالفعل هو ما طلبوه، وأصبحت بذلك في مأمن، فمن المستحيل إذن أن يدفعني أحد للتخلص من أي شيء، أياً كان.