الفعل ورد الفعل بذكاء بين الزوجين في العلاقات الزوجية:

إنها الطبيعة البشرية التي تدافع عن نفسها عندما تشعر بالهجوم، فهذه الآلية أحد مكوناتنا منذ آلاف السنين للتأكيد على بقائنا على قيد الحياة وسط البرية. وللأسف فهذه الآلية تظهر بغض النظر عما إذا كان الهجوم عليك بسبب مطاردة حيوان مفترس يهددك أو أن شريكك يعنفك لأنك تركت جواربك على الأرض. ورغم أن العلاقات العاطفية تتعرض لبعض التحديات، فهي لا تتطلب نفس المستوى الدفاعي الذي تحتاجه في البرية، لذا عليك أن تتعلم كيف تكيف أي رد فعل دفاعي على حسب الموقف.

شجع شريك حياتك على المصارحة والصدق:

من الصعب أن تتوقف عن مُحاكمة شريكك عندما يكشف عن معلومات تجرحك أو تؤذی شعورك.

ولكن إذا شجعت شريكتك على إخبارك بالحقيقة فعليك أنت في المقابل أن يكون لديك الاستعداد لسماعها، وإذا سمعت شيئا شعرت منه أنه يقصدك أنت أو ضدك، فسيكون من الطبيعي أن يكون رد فعلك هو الدفاع عن نفسك، واللحظة التي تدافع بها عن نفسك في اللحظة التي تتوقف فيها البيئة عن إضفاء جو الأمان على علاقتكما.

ومعظم الخلافات التي تظهر بين الشركاء هي التي تجذبهما إلى دائرة الهجوم والدفاع والانتقام وهكذا حتى يجرح أحدكما، أو تصابا بالإرهاق أو يستسلم أحدكما.

والسبيل الوحيد للخروج من هذه الدائرة هو أن يستمع أحدكما لما سيقوله الآخر دون رد فعل دفاعی أو انتقامی، فالأمر يحتاج إلى أن يخرج أحدكما من حالة "الشجار" ليدخل في حالة "التصحيح" لأن هذا التغيير يطفئ النار المشتعلة بينكما ويعيدكما إلى البيئة العاطفية الآمنة.

 ويتطلب الاستماع دون دفاع أن تبطل عمل رد الفعل، ربما في البداية تشعر ريكك، لأنك إنسان ولا أحد يستمتع بسماع نقاط ضعفه.

السر هنا هو أن تلاحظ الجرح وتدرك شعورك به ومع هذا لاتتفاعل معه، وسيسمح لك ذلك بالابتعاد عن نفسك لتقبل حقيقة شريكك بموضوعية، ثم تقدر بوضوح مايقوله أو ماستقوله.

إذا وجدته غير ذلك فيمكنك أن تستجيب في هذه الحالة حسب الموقف. إذا كنت تعتقد بان تعلیقات شريكك بها مايستحق، فيمكنك الاستفادة من هذه المعلومات بصورة بناءة وتحسن من نفسك.

فمثلا، تضايقت جایمی من بوب لأنه ترك المنزل في حالة فوضى لتنظيفه عندما كانت في رحلة عمل، وعندما واجهت بوب بأن مافعله كان تصرفا الايراعي فيه شعورها كان رد فعله الفوري دفاعيا، وبدلا من الاستماع إلى ماستقوله جایمی، شعر بالغضب لأنه شعر بأنه تعرض للهجوم.

فكان رده: " كنت دائما انظف المنزل. في الواقع، لقد كنت أنظفه خلفك".

ولكي يستمع بوب إلى مشاعر جایمی، كان عليه أن ينسحب من اندفاعه الأول ليتفاعل ببساطة وليستمع إلى ماستقوله جایمی، والسر هنا هو أن يتذكر أن باستماعه إلى وجهة نظر جایعی لن يبطل وجهة نظره هو.

أما إذا كان استمع دون أي استجابة دفاعية كان سيدرك أن رد فعله الدفاعي يرجع إلى شعوره بالحرج من عدم مراعاته لمشاعرها.

وبالطبع، فذلك أسهل بالقول من الفعل. فهو يتطلب قوة الإرادة للكف عن الحكم على تصرفات شريكك عندما يكون لها تأثير قوى عليك.

السيطرة على رد فعلك قد يقوي علاقتك بشريك حياتك:

إنها تلك اللحظات التي عليك فيها أن تختار في جزء من الثانية ما إذا كنت ستخطو خطوة نحو الاقتراب أكثر بشريكك وذلك بالاستماع دون محاكمة، أو نحو الدمار وذلك بالتصرف بدفاعية وغضب ونقد.

دعونا ننظر إلى حالة كارين وبيل، لقد انتهيا توا من توقيع عقود شراء منزلهما الجديد. كان مكونة من طابقين، به حديقة خلفية وغرفة واسعة للأطفال وقريب من الأسواق والمدارس. لقد كان يتميز بكل شيء تريده کارین، ولكن لحظة توقيعها العقد، شعرت بالتعب، واستنفد طاقتها الشعور بالخوف من أنها قد أقدمت على ارتكاب خطأ كبير.

الكثير من الناس ينتابهم شعور بالخوف من الوقوع في خطأ كبير بعد قيامهم بشراء شيء ما، وتسمى تلك الظاهرة "ندم المشتري".

لم يكن بيل يشعر بای نوع من الندم، فكان مبتسما ويحيى الجميع وسعيدا لأن القرض کان مناسبا ولأنه أخيرا سيستطيع بناء حياة مشتركة مع كارين في منزلهما الخاص.

كانت کارین تخشى من أن السعر سيكون مرتفعة جدا بالنسبة لهما، وأصابها الذعر من أنهما لن يستطيعا أن يؤثثا منزلهما لعدم كفاية المال معهما أو أن الجوار غير آمن كما قال لها السمسار العقاري. وحاولت إخفاء قلقها بدلا من أن تبدو حمقاء أمام حماس وفرحة بيل.

وفي أثناء عودتهما معا بالسيارة، لم تستطع كارين أن تتحكم في نفسها فغامرت وقالت : "بيل، لابد أن أتحدث معك".

وكان بيل مأخوذا في حماسه ولم يكن لديه أدنى فكرة عما يمكن أن يكون بخاطرها. فأجابها: "بالتأكيد ياحبيبتي. ماذا هناك؟" فانفجرت قائلة: "أخشى من أن نكون قد ارتكبنا خطأ فادحة"

تلك هي اللحظة التي تكون الاستجابة فيها إما أن تقرب بينهما أو تباعد بينهما وينتهى الاتصال بينهما بصورة قاطعة.

فإذا انفعل بيل بغضب وأقدم على محاسبتها وسؤالها فستتقوقع کارين على نفسها وتشعر بانها منعزلة أو ينتابها الذعر وسيتصاعد الموقف إلى الشجار الذي سيتركهما في النهاية متفرقين. أما إذا تحكم بيل في رد فعله وتواصل مع کارین واحتواها وقال: "قولى لى ماذا هناك" فبسرعة ستقول له کارین مابداخلها مهما يكن في الأمر من صعوبة، ويمكنهما معا أن يحددا أفضل طريقة للخروج من هذه المشكلة.

ودائماً مايتلاشى القلق والخوف بمجرد الإفصاح عنه، وفي هذه الحالة، كانت الفرصة جيدة حيث إنه بمجرد إعطاء کارين الفرصة وتشجيعها بان تخرج ما بداخلها يقلل من خوفها وربما يختفي تماما.

كما أنه يتخذ خطوة أكثر في خلق مستوى أعمق من التقارب بينهما ويقوى أواصر الاتصال بينهما ويقضي على أي رد فعل لمحاسبة الطرف الآخر ومحاكمته.