ما الذي تقوم به لكسب رزقك؟ إنني لا أعني بسؤالي هذا عملك الفعلي، لكنني أعني المساهمة التي تبذلها من أجل المجتمع من خلال عملك. هل هي مساهمة إيجابية، مفيدة، صحية؟ أم أنها مساهمة ضارة، وسلبية، وهدامة؟ ما الذي يؤديه عملك؟ إلى أي مدى أنت جزء من هذا العمل؟ وكيف ترى آداب ذلك العمل؟
إننا نعني بآداب العمل أخلاق العمل -ما به من صواب وخطأ ومن خير وشر، هل مجال عملك يمثل خيراً أم شراً؟ هل يضر المجتمع أم يعالج الأخطاء؟ هل يقدم شيئاً إيجابيا للمجتمع، أم أنه ينتقص منه؟
لا ينبغي عليك -طبقاً لهذا -أن تغادر عملك لو أدركت فجأة أنه يمثل أذى - لكن ما ينبغي عليك عمله هو أن تحاول التغيير من الداخل. ولا أتحدث هنا عن أمور تتعلق بالبيئة، رغم أنها قد تكون محط اهتمام الكثيرين منا. لكن بدلاً من ذلك اجعل تركيزك منصباً على الجانب الأخلاقي الذي تقدمه صناعتك.
ولو قررت أن أداء صناعتك لا يمكن تبريره من الناحية الأخلاقية — وقد حدث هذا لي وغادرت العمل -وأنك لا تستطيع التعايش معه، فعليك أن تترك العمل في هذه الحالة. وهذا التزام أخلاقي ستستفيد منه حتى لو خسرت مادياً.
إنك ستجد في مجال عملك مواطن خير ومواطن شر. وقد يطلب منك أحياناً أن تشارك في هذه الشرور. وحينها ستكون قد قرأت القاعدة (ه -٣) القائلة: " ضع لنفسك معايير شخصية "، لكن الحديث الذي نحن بصدده هنا هو تأسيس معايير خاصة بالعمل وليست خاصة بك.
وعليك في هذه الحالة أن توضح أدبياً وأخلاقياً أن ما هو مطلوب منك يعتبر إساءة للشركة. وذكرهم باستمرار بقولك: " ما الذي ستقوله الصحافة إذا قمنا بهذا؟ " ثم تخيل عنواناً صحفياً مناسباً مثل: " شركة تطرد عمالها من أجل استبدالهم بعمالة رخيصة "
وربما أمكنك في موقف كهذا أن تكون حازماً وترفض المشاركة، لكنك حينها ستصنف كأحد الضعفاء الخائفين من تلوث أيديهم أو أن توصف بالجبن أو شيء من هذا القبيل، مهما كان الأمر ينبغي عليك أن توضح عواقب الأمر أمام الشركة. عليك أن تكون النذير الذي ينذر بالعواقب الوخيمة التي ستحل، وبهذه الطريقة ستظل واحداً من أبناء الشركة، وفي الوقت ذاته أحد المستمسكين بالمبدأ الأخلاقي في العمل، وسوف تنتمي لكليهما في الوقت ذاته.
ولكي تقوم بهذا كله عليك أن تعرف آداب مهنتك ومساهمتها الأخلاقية في المجتمع، فأبدأ بحثك هذا من الآن.