الفهرس

 

الصبر يقوي علاقاتك العاطفية

ليس يعد الصبر فضيلة في الحياة فحسب، بل في الحب أيضاً، فكل فرد يتحرك وينضح ويتطور طبقا لإيقاعه الخاص به وطبقا لقدرته الفرعية، وفي علاقات الحب فإن على كل فرد أن يتعلم كيف يحترم خطط الآخر وتحديده للمواعيد الخاصة به وأن يتفهم الظروف البدنية والعاطفية والذهنية والروحية له.

فلقد أرادت جينا أن ترتبط بإيفان وكانت تشعر بانهما مؤهلان لذلك، وعلى النقيض فلم يكن إيفان على استعداد لكي يتخذ هذه الخطوة رغم أنه كان يحب جينا حبا جما، كما كان مرتبطا بها إلى حد كبير، وعندما ضاقت جينا وفرغ صبرها أكد لها إيفان من كل قلبه أنه كان يبغى زواجها يوما ما إلا أنه لم يكن على استعداد ليصبح زوجا، وأدركت جينا أنها تريد قضاء بقية عمرها مع إيفان ؛ ولذا فقد كان عليها أن تتعلم درس الصبر على الفور، لقد أدركت أن مشاعر إيفان ونواياه كانت صادقة ، ولذا فقد تمكنت من السيطرة على شعورها باليأس والإحباط وترقبت حتى تتحسن أموره ويصبح على استعداد للزواج.

ولقد كانت سيليا في حاجة إلى أن تتعلم نوعا مختلفا من الصبر، فلقد اعتادت أن تسير بمفردها بخطى سريعة، وكانت تنجز أعمالها على نحو سریع، فكانت تمشي بسرعة وتتناول طعامها بسرعة وكانت تقود سيارتها متجاوزة الحد المسموح به، وبما أن الأشياء المتناقضة تنجذب إلى بعضها البعض فقد التقت سیلیا ب"بول" ووقعت في غرامه مع أنه بطيء في كل أموره حتی في مشيته ، فقد كان يمشي بتؤدة ويتناول طعامه على مهل وكان يقطع بسيارته أميالا قليلة في الساعة الواحدة فلا يتجاوز بذلك الحد المسموح به.

وكانت سيليا لاتطيق صبرا مع بول، فتنقر بأصابعها على المائدة إلى أن ينتهي بول من طعامه، أو تطلق زفيرا واضحا إذا ما تجاوزتهم سيارة مسرعة على الطريق، وفي يوم من الأيام حينما كانت سيليا تمسك بيد بول وتجذبها حتی تدفعه إلى السير بسرعة، توقف بول فجاة قائلا: "لماذا نكون في عجلة من أمرنا دوما على هذا النحو؟، إنني لأشعر وكأننا في سباق يومي، في حين أن كل ما أريده حقا هو أن أتمهل لأستمتع بكل لحظة أعيشها معك"

ونجح الأمر، فقد أدركت سيليا أنها يجب أن تتوقف عن محاولة فرض أسلوبها في الحياة على شريكها، وهكذا، فلم تزل سيليا تتحرك كالبرق حينما تكون وحدها، ولكن عندما تكون بصحبة بول فإنها تحاول أن تتمهل قليلا وتستمتع بكونها معه.

الإمتنان في الحب والعلاقات الزوجية

هناك درس مهم لابد من استيعابه لتقيم علاقة ناجحة، إنه الامتنان. وهو مايجعلك واثقا من أنك لا ولن تستخف بمحبوبك مطلقا. تعلم أن تكون ممتنا الشريكك وأن تقدر كل مايفعله، بل وكل مايتصف به، وتأكد أنه مع كل يوم يمر ستزداد علاقتكما قوة وارتباطا.

وهاك قصة كامی ودوج. فلقد تزوجا منذ خمسة عشر عاما واتخذت حياتهما شكلا تقليديا، فكان هو يمد الأسرة بما تحتاج من مصروفات، وكانت هي تعتني بالمنزل وترعى الجميع. لقد صادفهم كثير من اضطرابات الحياة وصعوباتها بما في ذلك دعوى قضائية اضطرت دوج إلى تغيير مهنته في منتصف العمر، وأن عليه أن يبدأ من جديد إلا أن الأمر كان شاقا على الجميع، وخاصة لما سببه من تدهور مادی.

وهنا اقترح دوج على كامى فكرة أن أفضل ما يمكن فعله هو الدخول في مجال العقارات واستغلال مهاراتهما في تجديد وإصلاح المنازل وبيعها، وكانت حالة سوق العقارات آنذاك في تحسن واضح وأحوالهما المادية تسمح بان يقوما بشراء عقارات ثم إصلاحها ثم بيعها، ولقد اعتبرت تلك مغامرة جديدة يقومان بها بلا سابق خبرة. ووافقت کامی، وفي السنة الأولى قاما بشراء العديد من النازل ثم بدأا بأعمال التجديد من تنظيف ودهان وتزيين وتجهيز، ثم قاما ببيعها بعد ذلك في مقابل مکسب معين، وهكذا كان العمل شاقا وكان كل منهما يجاهد من أجل إتمام ماعهد إليه به من مهام.

وفي يوم من الأيام، حينما كانا يقومان بإزالة الطلاء من على الجدران، الأمر الذي استغرق منها ساعات وساعات، التفت دوج إلى كامي وأخذ ينظر إليها، وكانت تربط رأسها وقد علا الغبار وجنتيها وتصبب العرق على جبينها، وهنا انتاب دوج شعور عارم بالامتنان لها. لقد كان دوما يقدر لها إخلاصها، وفجاة راوده خاطر، فربما تكون كامی غیر عالة بما يكنه لها من مشاعر التقدير والامتنان. فاتجه إليها وأخذ يدها بين يديه قائلا: "أنت ضالتي، لم أكن أبدا الأجتاز كل هذه الصعاب برفقة أحد غيرك، قد لانكون أغنيا، ولكننا سعداء ، ويؤازر كل منا الآخر. ما أعظم حظی لکونی معك".

أجفلت کامي في البداية، ولكنها أدركت بسرعة أن دوج كان ببساطة يشکرها، لأنها بقيت إلى جواره وتشبثت رغم المحن. لقد استغرق الأمر دقيقة واحدة ليفضي بتلك الكلمات، ولكن أثرها بقي لسنوات وسنوات في أعماق کامی، وهكذا تعلم دوج وكامي أن القليل من الامتنان يعطى الحب قوة كبيرة.

أهمية التقبُل في علاقات الحب

التقبل هو واحد من تلك الدروس التي ستتعلمها وتمارسها يوميا فيما يخص علاقتك مع شريكك، وهو لا يشمل فقط صفات شريكك وعيوبه، بل يمتد أيضا ليشمل أسلوبه وطريقته في أداء الأشياء، وكما يرد في القانون السادس، فإن على كل شريكين أن يتعاملا مع الاختلافات بينهما. وأساس التعامل مع هذه الاختلافات يبدأ بالاستعداد لتقبل الشريك، كما هو بالضبط.

ولكن كيف يمكنك تقبُل ماقد يضايقك، أو يزعجك، أو حتى يغضبك؟

الإجابة هي: سيمكنك ذلك عن طريق الإيحاء لشريكك بما تشعر به تجاه من تقبل وتفهم غیر مشروطين بوجود ظروف معينة والاعتياد على التعايش مع ماقد يزعجك من صفاته الشخصية. قد تكون شريكتك هی من تجلب لك السعادة ولكنها على الرغم من هذا لم تخلق من أجل ذلك فقط، فإن لها كيانها الخاص، ورغم أن إسعادك بعد هدفا من الأهداف التي تصبو إليها إلا أنه ليس الهدف الأوحد. عليك أن تتذكر دوما أنها بشر، لها احتياجاتها، ورغباتها، وخططها مثلك تماما، وتأكد أن ذلك سيساعدك بشكل عظيم على أن تعي درس التقبل جيدا.

وهنا يأتي الحديث عن تیری، إن تيري يحب كل مايتعلق بالتكنولوجيا بينما تشعر زوجته شيلا بالرهبة منها، فهي تفضل أن تدون قوائم احتياجاتها على الورق بدلا من أن تستخدم الحاسب الآلى، وكان اختيارها هذا بعيدا كل البعد عن تیری ، فبالنسبة له كان الحاسب الآلى آلة مثيرة للعجب، ولم يكن أبدا قادرا على تفهم رفض شيلا للتعامل مع هذا الجهاز. لقد أمضی تیری الساعات الطوال في محاولة حصر المزايا والمنافع التي ستعود عليها من جراء تحويل أنظمتها إلى أقراص الحاسب الآلي بدلا من النوتة اليومية التي تستخدمها.

وبعد اشهر عديدة من محاولاته لإقناعها بمزايا تلك النقلة، بدأت شیلا تشعر أنها لابد وأن تتعامل مع الموقف، فشرحت لتيرى أن هذه الأجهزة ببساطة لاتستهويها، وأنها تريد منه أن يفعل كما تفعل هي معه، فهي لم تحاول أن تقنعه بعدم استخدام هذه الأجهزة وسوف تقدر له احترامه لاختيارها بان تترك كل أنظمتها تسير كما اعتادت هي، والتمست منه راجية أن يتقبل موقفها سواء تفهمه أم لا.

ولقد التزم تیری بذلك، على الرغم من اندهاشه إزاء رفض أي شخص استخدام التكنولوجيا الحديثة. لقد أحب من شیلا قبولها كل عيوبه، بما في ذلك عادته السيئة بإعطاء أوامر غير ضرورية أثناء عمله على الحاسب الآلي ، ورأى أنه من العدل حقا أن يتقبل وجهة نظرها بلا قيد أو شرط.

فهل تتقبل أنت شريكك كما هو؟

إن لم تكن تفعل، فتخيل كيف يكون الأمر لو لم يتقبل شريكك شيئا ما في شخصيتك. ربما ساعدك ذلك على إدراك واحدة من تلك الهبات العظيمة التي يمنحها الحب، ألا وهي التقبل غير المرهون بشرط أو قيد.

الصفح والمسامحة في الحب

الحب هو أدعي علاقات الكون للتسامح والغفران، فعندما يتحد شخصان على أساس الثقة المتبادلة، ثم يحدث أن يخون أحدهما هذه الثقة فإن الأمر يستدعي قدرا كبيرا من القوة والشجاعة لمنحه الصفح. ولكن، حيث إن الجميع يتعلمون، بما في ذلك شريكك، فالصفح مطلوب في بعض الأحيان، وفي علاقتك ستتكشف الكثير من الفرص التي تتعلم من خلالها كيف تصفح عن أخطاء محبوبك.

في كل مرة تواجهك عبارات أو ظروف تخالف ما اتفقت عليه منذ البداية مع شريكك، سيكون عليك أن تختار مابين أمرين، إما أن تتشبث بغضبك حتى النهاية، وإما أن تغفر وتصفح، ولكن الغضب سيجعلك تشعر بضآلة شخصيتك ، أما الصفح فهو يجبرك على أن تكون عظيما، واختيار الصفح ليس بالأمر السهل أبدا، ولكنه الخيار الوحيد أمامك إذا ماکنت تنشد الإبقاء على علاقتك والحفاظ عليها خالية من كل سوء.

وعلى سبيل المثال، هناك قصة بيرت وأبريل. لقد اشترى هذان الزوجان سيارة جديدة لتوهما وكانا يدخران لما يقرب من العام لشراء السيارة التي يريدانها، وكان كلاهما فرحا بالسيارة الجديدة، وذات يوم كانت أبريل تقود فيه السيارة، نظرت إلى المرأة الأمامية لكي تعدل من زينتها، وبالتالي فقد أبعدت عينيها عن الطريق مما أدى بها إلى أن تصطدم بسيارة أخرى، ولحسن الحظ فلم تكن تسير بسرعة من شأنها أن تؤدي إلى إصابة أحد، ولكن كلتا السيارتين تعرضتا لإصابات بالغة. لقد استغرق الأمر من بیرت بضعة أيام کی یغفر لأبریل إهمالها، ولكنه كان يعلم أن إصراره على الغضب لن يفضي بزوجته إلا إلى مزيد من الشعور بالذنب، ولذلك فقد صفح عن الأمر ونسيا ما حدث تمامًا.

وقد تضطر للأسف، في بعض الأحيان، لأن تغتفر أخطاء أكبر مثل انقطاع الاتصال بينكما، أو عدم المصداقية، أو خرق اتفاق كان بينكما، وفي هذه الحالة تكون هذه الأوقات عصيبة وحالكة حيث ستحتاج إلى أن تبحث في أعماق قلبك عن القوة والاستعداد للغفران والصفح.

ومغفرتك لشريكك لاتعني أبدا أنك قد تجاوزت عن سلوك شريكك السيئ وتقبله، وقد أخطأ في حقك. بل على العكس، إنه يعني أنك قد استخدمت كل مشاعرك وأحاسيك کی تصل في النهاية إلى حقيقة أن شريكك ماهو إلا بشر، مثلك تماما، وهذا هو أصعب ما يمكن تعلمه من دروس، ولكن، كما سترى في القانون التاسع، يجب أن تعي ذلك الدرس، إذا ما أردت لعلاقتك أن تدوم.

وهكذا، فإنك لو سمحت لعلاقتك أن تحملك إلى ما تزخر به من عجائب واكتشافات، فسوف ترى عالما فسيحا لرؤى جديدة وفرص لاتحصى حتى تصبح شخصا عظيما. إن الهدف الحقيقي لأي علاقة أصيلة هو الوصول إلى السعادة والبهجة والحصول على فرص عظيمة تجعلك إنسانا فطنا.

هذه الفرص تسمح لكل من الشريكين بأن يتعرف على نفسه أكثر، بعرف قدراته، وحدوده، ومايحتاج إلى المداواة في نفسه، بالإضافة إلى تلك الدروس التي ستجعل حياتهما أفضل بالتأكيد.