إذا أردت أن تكون متبعاً حقيقياً لهذه القواعد فعليك أن تكون موضوعياً تمامأ في شأن نفسك، وكثير من الناس ليسوا كذلك. فهم لا يستطيعون رؤية أنفسهم في إطار من الموضوعية حتى يروا أنفسهم كما يراهم الآخرون. والأمر لا يتعلق فقط برؤية الآخرين لنا، بل برؤيتنا لأنفسنا، فكل منا يحمل في عقله صورة عن نفسه -كيف نبدو، وبمَ نوحى؟ وما الذي يحركنا؟ وكيف نعمل وكل هذه الأمور، لكن إلى أي مدى تكون تلك الصورة موضوعية؟ إنني أظن في نفسي أنني أعمل بشكل خلاق ومميز، لكن الآخرين يرون أنني فوضوي وغير مرتب، فأي الصورتين حقيقي؟
ولكي تعرف مواطن القوة والضعف لديك عليك أولاً فهم دورك -الطريقة التي تعمل بها، فلعلي أرى أن كوني خلاقاً هو مصدر قوة -كإيجاد الأفكار الخلاقة، وعدم الانتباه للتفاصيل، وخلق مشاريع جديدة دون متابعتها والعمل على تطبيقها -فهل كل هذا يعبر عن قوة؟ إنه ليس كذلك لو كان دورك في العمل تنفيذياً أو تطبيقياً، فهؤلاء لا يرون ما سبق على أنه قوة بل إنها مواطن ضعف؛ لأنها لا تتناسب وطبيعة عملهم. وقد تكون قوتي بدلاً من ذلك في المحافظة، والاجتهاد والالتزام والقدرة على التنبؤ والتزام الأسس والثبات، والنظام ولكن قد يرى غيري أن هذه الأمور لا تمثل مواطن قوة في عمله. إن عليك أن تعرف دورك أولاً قبل أن تصدر أحكاماً غير موسوعية عن مواضع الضعف والقوة.
وإذا كنت في شك من هذا فضع قائمة، فهذا ما كنت أفعله باستمرار. اكتب في القائمة ما تظن أنه مواطن القوة والضعف لديك. واعرض هذه القائمة على صديق مقرب ليس ممن تعمل معهم. واسأله تقييماً موضوعياً، ثم اعرضها على صديق ممن تثق بهم في إطار العمل، هل تجد فارقاً بين التقييمين وبين "حقيقتك. المؤكد أنك ستجد فارقاً؛ لأن ثمة فارقاً بين مهاراتك كصديق ومهاراتك كعضو في فريق عمل.
إن القاعدة هي أن نتعرف على مواطن الضعف والقوة لدينا، وليس ضرورياً أن نحسّنها أو نتجنبها، أو نعمل على تعديلها أو تغييرها على أية حال. فنحن ما نحن عليه، وهذا ما ينبغي التعامل على أساسه. فقد تكون غير مرتب أو منحرفاً، ولا يمكن توقع أفعالك، فهل هذه صفات سيئة أم حسنة؟ إن ذلك يعتمد على الدور الذي تقوم به. وربما عليك أن تغير من دورك ليناسب مواضع قوتك وضعفك. يعتقد معظم الناس أنه بتحديد الشخص لمواطن ضعفه وقوته يعني أن يقوم بالتخلص من مظاهر الضعف، والتعامل مع مواطن القوة، وهذا ليس حلاً، فالحقيقة تؤكد أن لدى الجميع مواطن ضعف. وسر النجاح في أن نتعلم كيف نتعامل معها دون محاولة منا أن نصبح مثاليين، فذلك أمر غير واقعي.
وقد تجد طرقاً وأساليب أفضل يمكنك من خلالها استغلال مواطن ضعفك، وإنك حين تكون قادراً على استغلالها فستتحول إلى نقاط قوة، أليس كذلك؟ إليك الأمر لتفكر فيه.