في أعماق كل منا ثمة حكمة، هذا هو ما يطلق عليه الحدس. إن الإنصات إلى حدسك عملية تعليمية بطيئة. تبدأ بإدراكك لهذا الصوت الداخلي الخافت، أو هذه المشاعر التي سوف تنبئك بأن قد اقترفت شيئاً لم يكن يجدر بك أن تفعله. إنه صوت شديد الهدوء والدقة، ويتطلب صمتاً وتركيزاً لكي تحسن الإصغاء إليه.
يمكنك أن تسميه الضمير إن شئت، ولكنك تعلم دائماً في قرارة نفسك الخطأ عندما تقترفه. تعلم متى يجب أن تعتذر، أو تصلح الأمر، أو تعيد الأشياء إلى نصابها. أنت تعلم وأنا أعلم أنك تعلم. أعلم لأننا جميعاً نعلم. ليس هناك مفر.
بمجرد أن تشرع في الإصغاء إلى صوتك الداخلي، أو استشعارك مشاعرك، سوف تجدها مجدية. سوف يكون هذا الصوت أكثر من مجرد صوت ببغاء يردد نفس الكلمات فوق كتفك "لقد أفسدت الأمر ثانية" بعد كل مناسبة، إن مفتاحك هو أن تنصت لما يمليه عليك الحدس بشأن ما أنت بصدد فعله، وما إن كان صحيحاً، ولكن قبل أن تقدم على الفعل.
حاول أن تختبر كل الأشياء من خلال حدسك الداخلي قبل أن تقدم عليها، واختبر رد فعلك. بمجرد أن تعتاد هذا، سوف تجده أكثر سهولة. تصور أن هناك طفلاً صغيراً يقف بجوارك في أي موقف، وأنك يجب أن تشرح له كل ما يجري. تصور الأسئلة الأساسية التي سوف يطرحها عليك "لماذا تفعل هذا؟ - ما هو الصواب وما هو الخطأ؟ - هل يجب أن نفعل هذا؟ - وعليك أنت الإجابة. فقط في هذا الموقف سوف تسأل نفسك وتجيب عليها. وسوف تجد أنك تعرف بالفعل كل شيء يجب عليك معرفته.
أصغ، هذا هو كل ما عليك عمله. إن كنت تبحث عن مستشار تثق به، من يمكن أن يكون؟ يبدو لي من المنطقي أن يكون هذا المستشار هو أنت، لأنك تملك كل الدقائق، وكل الخبرة، وكل المعرفة بداخلك. لا أحد غيرك يملك كل هذا. لا أحد يملك أن يثب بداخلك، ويرى تحديداً ما يجري.
هناك نقطة توضيحية مهمة يجدر بي أن أشير إليها، عندما أقول أصغ فإنني لا أعني بهذا أن تصغي لما يجري في رأسك. فهذا هو تحديداً مكمن الجنون. بل أعني أن تصغي للصوت الأكثر هدوءاً وسكينة. بالنسبة للبعض قد يكون هذا الصوت أقرب إلى الشعور الذي يعتريهم وهو ما يطلق عليه اسم الحدس الباطني. ولكن حتى إن كان هناك صوت فإنه كثيراً ما لا يتكلم بالمرة – بخلاف عقلنا الذي لا يكف عن الحديث والثرثرة طوال الوقت – وغن تحدث فيمكن أن تضيع كلماته في خضم طوفان الكلمات التي تعج بها عقولنا طوال الوقت.
أنا لا أقصد هنا التنبؤ بما سوف يحدث. فإنك لن تكتشف الحصان الذي سيفوز في السباق، أو الفريق الذي سوف يحصل على نهائي الكأس. كلا، هذا هو الشيء المهم.
ما نحن بصدد فعله، القرارات الكبرى التي يجب أن نتخذها، السبب الذي يدفعنا إلى التصرف بشكل ما. أنت تعرف الإجابة بالفعل، إن سألت نفسك.