إذا كان هناك يوم سيرتدي فيه كل زملاء العمل أقنعة هزلية ساخرة فلا تفعل مثلهم أبداً، لا ترتد ملابس غير لائقة مهما كانت الأسباب. لا تغير منهجك المنضبط لأي سبب أو لصالح أي أحد. وابق بعيداً عن ترهات المكاتب. هل ستوصف لذلك بالغرور والتعالي؟ أو الأنانية؟ ومن يهتم بتلك الأوصاف؟ إن هذا الأسلوب سيعطيك الرزانة وهي ما تهتم به. وادخر رغبتك في القيام بأشياء طائشة هزلية لأيام العطلات، حيث لن تهتم بأن يراك فيها أحد. لتظل على الدوام هادئاً ومرتباً في عملك.
ودعنا نوشح أمراً وهو أنك هنا لتؤدي وظيفة. وهذا ما تتقاضى مرتبك من أجله، ليس لأن تجعل من نفسك مهرجاً أو أحمق. كل ما عليك فقط هو أدب وظيفتك -وبشكل جيد -وبالطريقة التي تناسبك. يمكنك أن تختار أن تنخرط في الأمور الاجتماعية مع زملائك أو أن تظل بعيداً بخطوة. هذا يجعلك على بعد خطوة من زملاء عملك وعلى قرب خطوة من الإدارة.
إن ذلك لا يعني أنك لا يمكنك أن تمزح أو تضحك مع زملائك في العمل لكن لا تجعل الأمر وديا أو شخصياً بشكل يستحيل معه أن ترقى دونهم. فإذا أردت أن تكون رئيساً لهم فهذا يتطلب الحفاظ على مسافة بينك وبينهم. وهذا يتطلب الرزانة التي نتحدث عنها.
وإذا لم تكن تعلم ما تعنيه كلمة " رزين " فاستخدم قاموسك الإلكتروني وابحث في خانة المضادات لتلك الكلمة، وستجد: متبسطاً، مضطرباً، غير أنيق، وبالنسبة لكلمة " متبسط " تذكر هؤلاء الأشخاص الذين يتعاملون بدرجة كبيرة من التبسط تفقدهم هيبتهم، أما بالنسبة لكلمة " مضطرب "، ففكر في الصبي الصغير في ليلة عيد ميلاده وستجده مضطرباً اضطراباً لطيفاً، لكنه غير رزين، أما كلمة غير أنيق ففكر في السترات الصوفية القصيرة فهي دافئة لكن ينقصها الرزانة.
لذا علينا أن نكون:
- غير متبسطين -فكر في عدم الهيبة.
- غير مضطربين -فكر في عدم الاتزان.
- أنيقين -هذا لا يعني أن نتبع كل التقاليع الحديثة؛ بل يعني أن يكون مبلسنا مهندماً، وهذا بالطبع يختلف تماماً عن الهوس بل لتقاليع المتغيرة دوماً.
والرزين الذي نبحث عنه هنا يجب أن يكون مسترخياً ومتحكماً في وضعه. ولا يكون أقرب للصراخ وقت الأزمات، لكنه يطبق إجراءات الأمان، ويتعامل مع الموقف بسلاسة وهدوء. نحن لا نريد هنا شخصاً يرتعد، بل نريد شخصاً رزيناً، هادئاً، ومستجمعاً لذاته.