هناك افتراض بأنه كلما تقدم بنا العمر، أصبحنا أكثر حكمة؛ ولكن هذا ليس صحيحاً بالضرورة. القانون هو أننا قد نبقى كما نحن؛ قد نظل نقترف أخطاء مختلفة؛ هذا كل ما في الأمر. سوف نتعلم من التجارب، وقد لا نقدم على نفس الأخطاء ثانية؛ ولكننا سوف نقترف أخطاء جديدة تماماً، والتي سوف تكون في انتظارنا لكي تسقطنا في شراكها. ولكن السر هو قبول ذلك وعدم محاسبة نفسك وتوبيخها عندما تسقط فريسة أخطاء جديدة. إن القانون في واقع الأمر هو: كن متوفقاً بنفسك عندما تسقط في مثل هذه الاخطاء. كن متسامحاً ومتقبلاً أن هذا يمثل جزءاً من التقدم في العمر الذي لا يجب أن يكون ملازماً لاكتساب الحكمة.
بالنظر إلى الماضي؛ قد تكون لدينا القدرة على رؤية الأخطاء التي سقطنا فيها، ولكننا مع ذلك لا نملك القدرة على رؤية الأخطاء التي مازالت في انتظارنا؛ لأن الحكمة لا تعني عدم اقتراف الأخطاء، وإنما تعلم كيفية الإفلات منها بكرامتنا وسلامتنا العقلية.
عندما نكون صغاراً؛ سوف يبدو أن التقدم في العمر شيء يحدث لكبار السن. ولكنه شيء يحدث لنا نحن أيضاً، وليس أمامنا خيار إلا أن نستسلم، وننخرط في الواقع. مهما كان ما نفعله، ومهما كانت حقيقتنا وشخصيتنا، فإن الحقيقة هي أنه سوف يتقدم بنا العمر. كما أن كل مظاهر التقدم في العمر سوف تبدو أكثر سرعة كلما تقدمنا في العمر.
يمكنك أن تنظر إلى الأمر بهذه الطريقة: وهي أنك كلما تقدمت في العمر زادت جوانب خبرتك، ومن ثم تراجعت أخطاؤك. سوف يكون هناك دائماً جوانب جديدة من الحياة لا نملك فيها إرشادات، ونسيء خلالها التعامل مع الأشياء، ونبالغ في رد الفعل، ونسيء الفهم. وكلما ازدادت مرونتنا؛ زاد لدينا حب المغامرة، واحتواء الحياة ومن ثم الرغبة في سبر أغوار جديدة، واقتراف أخطاء بالطبع.
طالما ننظر إلى الماضي، ونرى أوجه قصورنا، ونعقد العزم على عدم تكرار هذه الأخطاء فهذا هو كل ما علينا عمله. تذكر أن أية قواعد يمكن أن تنطبق عليك سوف تنطبق أيضاً على الجميع من حولك. إن الجميع من حولك سوف يتقدمون في السن أيضاً، ولكنهم لن يزدادوا حكمة بالضرورة. وبمجرد أن تقبل هذا؛ فسوف تكون تسامحاً، وأكثر ترفقاً بالغير وبنفسك.
وأخيراً؛ نعم؛ الوقت خير مداو والأشياء سوف تتحسن كلما تقدمت في العمر. فإنك كلما اقترفت أخطاء بالفعل قلت فرصتك في اقتراف أخطاء جديدة. ولكن الشيء الأفضل هو أنك إن اقترفت الكثير من الأخطاء وتخطيتها وحسمتها في وقت مبكر من حياتك؛ فسوف تزداد مهمتك سهولة في وقت لاحق. وهذا هو معنى الشباب في واقع الأمر أو مغزاه؛ إنها فرصتك في اقتراف الأخطاء، بحيث تنحّيها عن طريقك إلى الأبد.